د.علاء عبد الهادي: سحبنا الثقة من وزير الثقافة لأنه لا يستحقها

د.علاء عبد الهادي، شاعر وناقد أكاديمي، وأستاذ متخصص في الأدب المقارن، ترأس لما يزيد على عقدين إدارة عدد من الجمعيات الفكرية والأدبية في مصر؛ كجمعية النقد الأدبي، وجمعية الأدب المقارن، والجمعية المصرية لدراسات النوع، وغيرها، فضلاً عن اتحاد كتاب مصر، الذي يمر حاليا بفترة صعبة، نحاور د.علاء حولها بصفته أحد أهم أطرافها، خاصة بعد أن وصلت إلى أروقة المحاكم وتضاربت الأنباء فيها ما بين سحب الثقة من مجلس الاتحاد، وإصدار الأخير بيانا لسحب الثقة من وزير الثقافة.

ما أهم مشكلات الثقافة المصرية التي لمستها من خلال إدارتك المتتالية لأكثر من جمعية أدبية؟

دعينا في البداية نقر بأن الثقافة المصرية في ظل سياسات وزارة الثقافة منذ فاروق حسني حتى الآن، قد عانت من غياب مجموعة من العناصر اللازمة لأية ثقافة كي تنهض اجتماعيا؛ سواء على مستوى تردي أحوال الكتاب والمبدعين المادية والثقافية، أو على مستوى غياب استراتيجية ثقافية لها سياسات واضحة في ظل الشرط الحضاري المعيش، وكان من نتائج هذه السياسات فشل المؤسسات الثقافية الرسمية القائمة في إفادة المحتاجين الحقيقيين للمعرفة بكل مستوياتها، فضلاً عن عجزها عن الاستفادةِ من العقل الثقافي العام وتوظيفِه في التنمية الثقافية الحقة، وذلك انطلاقا من فهمنا لقضية السياسات الثقافية بوصفها قضية تتجاوز إنتاج سلع ثقافية أو تسويقها، فالثقافة المصرية في أشد الحاجة الآن إلى إدارة استراتيجية راشدة ، قادرة على وضع مشروع ثقافي متكامل ، يحترم تقاليدنا النبيلة ، وقيمنا الأخلاقية والإنسانية المتوارثة، ذلك لأن الدوافع الاقتصادية التي وجه النظام السابق أنظار النخب السياسية إليها، إن لم تكن مسبوقة بدوافع ثقافية مفعمة بخلق وطني وإنساني قويم، قد تؤدي- كما حدث في النظام البائد - إلى الفساد والانحطاط.

من خلال هذه الرؤية؛ عندما تقدمت لخطوة الترشح كرئيس للاتحاد. ماذا أردت أن تحقق؟

السؤال: هو ماذا أردتم أن تحققوا؟ لأنني مع فريق ولست وحدي، أردنا أن نحقق ميلادًا جديدا للاتحاد، على مستويات أربعة؛ الأول هو القيام خلال سنة بإصلاح لائحي وتشريعي كامل، كيلا يقوم أي اختلاف على هوى، بل يقوم على نص يحكم بيننا، خصوصًا في لوائح لجان القيد، والأفرع، والجوائز، والنشر، واللجان، والشعب، وقد انتهينا في ستة أشهر من وضع ست لوائح جديدة، وافقت عليها ثماني جمعيات عمومية للأفرع، وننتظر موافقة الجمعية العمومية العادية للاتحاد في انعقاد قريب لها، للبدء في تطبيقها، المستوى الثاني هو البيئة الداخلية للعمل، وترتبط بحماية المقار من الحريق والسرقة، والتأمين عليها، وإصلاح الجهاز الوظيفي وتطويره، أما الثالث فيرتبط بالخدمات، على مستويات الصحة والمعاش والنشر بخاصة، بينما الرابع والمهم هو معالجة ضعف تأثير الاتحاد في واقعنا الثقافي مصريا وعربيا ودوليا، فقد كان الاتحاد ومازال منعدم التأثير على واقعه الاجتماعي.

ما أهم المشكلات التي قابلتكم؟

قابلتنا مجموعة من التحديات الكبيرة، على المستويات التشريعية والخدمية والثقافية، وكنت أنتظر أن يتكاتف المجموع من أجل ميلاد ثان لاتحاد كتاب مصر، وهذا ما لم يحدث، كان أول التحديات التي قابلتنا هو كيف يقوم المجلس بحل المشكلات الكبرى المتوارثة من العهود السابقة، في ظل اعتياد عدد من القدامى من أعضاء المجلس الحالي على آليات عمل قديمة لن تعالج هذه التحديات الجديدة على أي نحو جدي، ولن تتوافق مع الرؤية التي نادينا بها، وأهم هذه التحديات على الإطلاق هو ضعف الخدمات المقدمة للأعضاء، على مستويات المعاش والعلاج والنشر، فضلا عما نعرفه جميعًا من غياب أي تأثير حقيقي للاتحاد على الواقع الثقافي، فظلت النشاطات محدودة التأثير والقيمة، وكأننا بإزاء ناد من نوادي الأدب أو مؤسسة تابعة لوزارة الثقافة.

ألم تكن هناك طريقة للإصلاح أو معالجة هذه المشكلات؟

طبعًا، لو تجرد الطامعون مما لا حق لهم فيه، سعيًا إلى مصلحة المجموع وإلى أهداف أكبر منهم، فبالنسبة إلى مشكلات الاتحاد، كنا نرى أن أي إصلاح يجب أن يبدأ على مستويين، الأول انتهينا منه وهو الإصلاح التشريعي، والثاني ما قاربنا إلى الانتهاء منه وهو إصلاح يرتبط بالبنية التحتية للاتحاد، مع تطهير الجهاز الوظيفي، والتخلص من العادات الإدارية المستوطنة في الاتحاد المخالفة للوائح والقانون، وذلك عبر إعادة الهيكلة، وإحكام التوصيف الوظيفي، وكان التحدي الثالث الذي قابلنا هو غياب التشريعات المنظمة لأنشطة اللجان والشعب كافة، فقمنا بوضع بنية شاملة لإصلاح تشريعي متكامل، بدءًا بفك التشابك في اختصاصات اللجان والشعب المختلفة، وانتهاء بتحويل أفرع الاتحاد إلى نقابات فرعية، ودعمها لائحيًّا وماليًّا وإداريًّا لتقوم بنشاطها التنويري والثقافي في أقاليم مصر كافة، مع فتح ثلاثة أفرع جديدة، وعلى مستوى البنية التحتية للمكان، فوجئنا بأن الاتحاد خال تماما من أية حماية مدنية، فكان أول قرار للمجلس الجديد هو حماية مبنى الاتحاد ومقتنياته في المقرين التي تقدر بالملايين من السرقة والتلف، وقمنا بالتأمين عليهم ضد الحريق والسرقة لأول مرة، بالإضافة إلى حماية المقر ورواده لأول مرة أيضًا، بشبكة جديدة لمقاومة الحريق، فحتي الموظفون لم يكونوا يعرفون من قبل أبسط أنواع الحماية حتى أرسلنا أربعة منهم للتدريب. وكان دفع قانون الاتحاد وما تم تعديله فيه من عوار الذي غاب في أدراج رؤسائه كافة سنوات طويلة إلى مجلس النواب لإقراره مطلبا طال انتظاره من الجمعية العمومية. نضيف إلى هذا مجموعة من التحديات المستوطنة أهمها رفع معاشات الأعضاء، ووضع مشروع علاجي صحيح وقانوني، واسترداد حقوق الاتحاد المالية الخاصة بالنشر، وقد تم استرداد ما يزيد على أربعة مليون جنيه حتى الآن، واسترجاع حقوق الاتحاد على الدولة. ويظل أهم هذه التحديات قاطبة التحدي الثقافي الذي يبدأ بتغيير نظرة الحكومة الضيقة إلى الثقافة، وهي نظرة لم تزل محصورة في إطارها المحدود بصفتها كتابة القصة والرواية والشعر. ليكون الاتحاد شريكا فاعلا في وضع السياسات الثقافية والتعليمية للدولة تشريعا وأداء. وقد قدمنا إلى وزيري ثقافة في هذه الفترة القصيرة مقترحات شاملة لتعديل لائحة المجلس الأعلى للثقافة، ومشروع آخر بقانون لتعديل لجنة جوائز الدولة، ولكن لا حياة لمن تنادي.

في رأيك؛ ما هي أسباب تفاقم أزمة اتحاد الكتاب الحالية؟

هذه ليست أزمة، حيث لا توجد دورة واحدة للاتحاد في العقدين السابقين دون اختلافات واستقالات، فمنذ رئاسة سعد الدين وهبة واستقالة ثروت أباظة، وبعده فاروق شوشة وآخرون، والاتحاد يشهد كل عام استقالات وخلافات كبيرة، لكنها لم تظهر على هذا النحو الإعلامي الكبير إلا حديثًا، ربما يرجع السبب في ذلك إلى ضعف مواقع التواصل الاجتماعي وقتها. واستقالات بهاء طاهر، ووحيد حامد، وجمال الغيطاني وإبراهيم عبد المجيد وغيرهم مشهورة، وما سمي باستقالة العشرة التي قدمناها أيام فاروق خورشيد وكان معنا محفوظ عبد الرحمن، وحمدي الكنيسي، وفؤاد قنديل، وأحمد الشيخ، وطه وادي، وآخرون، مشهورة أيضًا، وكنت من كتب بيانها اعتراضًا على ما حدث من وفد مصر في الجزائر وقتها، وبعدها أيضًا قدم ستة أعضاء من مجلس إدارة الاتحاد استقالاتهم في أثناء رئاسة الزميل محمد سلماوي بسبب مخالفة مجلس الإدارة لقانون الاتحاد في أيام ثورة يناير، وهكذا، ولكن هذه الاستقالات كانت كلها موجهة إلى الصالح العام وليس إلى تحقيق مكاسب شخصية، أو لصراع على كرسي الرئاسة، أو على سلطة منتخبة.

يحملك البعض مسئولية ما آل إليه وضع الاتحاد لأنك رئيسه ولم تستطع إحداث توافق بين الزملاء؟

لا يمكن إحداث توافق إلا على حساب مصالح الأعضاء.

هل يمكن أن تضع أيدينا على أصل المشكلة بشكل أوضح؟

المشكلة الأولى في رأيي تكمن في طبيعة تكوين الجمعية العمومية، وفي هذا السياق يصعب أن نغض الطرف عن مشكلات التلاعب الدائم في أعمال لجان القيد في العقدين الأخيرين بخاصة، التي سربت مئات العضويات غير المستحقة إلى عضوية هذا المكان الرفيع، كل هذا بالإضافة إلى عزوف أعضاء الاتحاد المهمين عن المشاركة في انتخابات الاتحاد والترشح لها، وسلبيتهم، فضلاً عن غياب انضمام مئات من المثقفين والمفكرين والمبدعين إلى عضوية الاتحاد حتى الآن. أما المشكلة الثانية فتكمن في ضعف موارده المالية، وهذا ما أثر على استقلاله وجعله تابعًا للجهات التنفيذية للحكومة، بالمخالفة لكل الأعراف النقابية المعمول بها.

وأعضاء مجلس الإدارة؛ ألا ترى أن ثلاثين عضوَا عدد كبير لمجلس إدارة نقابة لا يتجاوز عدد أعضائها ألفين وخمسمائة؟

طبعًا، هذه ملاحظة جيدة، وربما تمثل مشكلة ثالثة، فلا يمكن أن نغض الطرف عن أن العدد الكبير لأعضاء مجلس إدارة الاتحاد يصعب معه حدوث توافق دون ظهور خلافات حادة ودائمة، وقد حاولت أنا والزميل حمدي الكنيسي والزميل عادل سركيس عندما كنا نشكل لجنة إعداد تعديلات القانون الجديدة في لجنة القوى العاملة في مجلس الشعب خفض هذا العدد إلى عشرة أعضاء، ولكن السلطة السياسية ممثلة في رئيس لجنة القوى العاملة وقتها أصر على نحو غريب على بقاء هذا العدد، وقالها المسئول صراحة، إنه في ظل هذا العدد الكبير من المحال الاتفاق على رأي واحد، ولأنكم نقابة فكرية، نخاف أن يحتلها فكر له اتجاه عَقَدِي واحد يتسبب في فرض الحراسة عليكم، ولهذا نحن نصر على بقاء هذا العدد، كان يشير وقتها إلى الإخوان المسلمين، وكان ذلك منذ عشر سنوات تقريبًا.

وماذا عن المشكلات الحالية؟

إن كل ما يحدث الآن على المستوى الموضوعي من صراعات بين كتل غير متجانسة كان كامنًا ينتظر أول فرصة لتحققه، لو أتيحت له الظروف، وذلك بدءًا من دورة فاروق خورشيد، وقد ظهر هذا واضحًا في السنوات الأربع الأخيرة، وبالآليات أنفسها، ولكن الفرق أن هيئة المكتب وقتها لم تصارع سلماوي على رئاسة الاتحاد كما هو الوضع الآن، فهناك خمسة يتصارعون على منصب رئيس مشغول أصلا! وأربعة على منصب النائب المصعد، وهكذا، أقصد بذلك أن حدوث ذلك كان متوقعًا في أي وقت، هناك من الرؤساء من تحايل على هذا الوضع لتأجيل هذا الصراع بأن خالف القوانين واللوائح، أو تنازل عن اختصاصاته طواعية، أو تنازل عن مصلحة الاتحاد لمكسب شخصي، أو وجاهة إعلامية، أو لهدف المحافظة على كرسي زائل، وهناك من لم يقبل، معتبرًا أن ما يحدث الآن هو احتمال قابع في التاريخ ينتظر أية فرصة للتحقق، ويجب الخلاص منه من خلال حدوثه، كيلا يتكرر مستقبلاً، وقد قرر المجلس من خلال التزامه الكامل باحترام القانون واللائحة، الالتجاء إلى القضاء الذي سيحكم في هذا كله قريبًا وعلى نحو سيمنع مستقبلاً تكرار ما حدث معنا، فنتيجة كل ذاك في النهاية ستكون لصالح الاتحاد ومستقبله، وبعد أن يقول القضاء كلمته، ستحاصر في المستقبل أية مغامرة أو مقامرة من «شلة» أو (جماعة) أو (وزارة) تحاول الاستيلاء على نقابة لصالحها! أو لصالح موظفيها! هذه المعركة ستسفر عن وجهها الطيب في النهاية بإقرار أحكام القضاء والالتزام بالقانون واللائحة.

وما الوجه الآخر لما يحدث الآن؟

هو وجهه القبيح المتمثل في تدني لغة الحوار، والكذب المستمر على الرأي العام، والتزوير في أوراق رسمية، وتزييف الحقائق، والبلطجة، وقيام عدد كبير من الأخبار على إشاعات، لم يستند ناشروها على أية وثائق أو حقائق، واضعين كل الأطراف في سلة واحدة، دون أي اعتبار لميثاق الشرف الصحفي. بل إن ما يحدث الآن ليس بعيدًا عن رغبة عدد من المستقيلين أو مؤيديهم، إلى الرجوع عن استقالاتهم بعد تصعيد عدد آخر من المرشحين إلى أماكنهم الشاغرة. وهذا من المحال حدوثه قانونًا. وفي ظل تعمد عدد من أعضاء مجلس الإدارة الغياب لخمس جلسات متتالية على مدار ثلاثة أشهر، رأيت أنه من مسئوليتي ومعي عدد مخلص من أعضاء مجلس الإدارة أن نصل بالاتحاد إلى بر أمان يحمي هذه المؤسسة، ويصون حقوق أعضائها في المعاشات والعلاج، بأسرع وقت ممكن، وسنظهر للرأي العام ولأعضاء الجمعية العمومية القادمة التي نعقدها في أقرب وقت مباشرة بعد استيفاء الميزانيتين والموازنتين، وبعد استكمال الجهاز المركزي للمحاسبات تقريره الحقائق كلها بالمستندات.

لماذا رفضت عقد انتخابات جديدة؟ ألا تعتبر تصعيد أكثر من نصف المجلس تعديا على حق الجمعية العمومية التي اختارتهم؟

القانون يمنع ذلك، التعدي الحقيقي هو إجراء انتخابات جديدة وإسقاط حق المرشحين في التصعيد وليس العكس، وأنا لا أرفض أو أقبل، أنا أعرض على مجلس إدارة، والمجلس سيد قراراه في حدود القانون واللائحة، وقد أشرت في بيان سابق أننا نؤمن إن أي قيادة نقابية محترمة لها طرائق قانونية ولائحية تنظم اختيارها، ليس منها إجبار من لم يستقيلوا من المجلس القائم على القيام بحل المجلس، كي يرشح المستقيلون أنفسهم من جديد! ليعاد انتخابهم ثانية! لأن هذا لا يعني إلا إسقاط الحق الذي منحته المادة (32) من القانون لكل مرشح بالتصعيد، وقد كان عدد المرشحين في آخر انتخابات أجريت ممن لهم الحق القانوني في التصعيد 86 مرشحا. فالتمسك الكامل بنصوص قانون الاتحاد ولوائحه في هذه المرحلة المهمة من تاريخ الاتحاد هو الوسيلة الوحيدة الناجحة للإسراع بحماية الاتحاد من المقامرين عليه الذين اتبعوا تصرفات غير قانونية.

ولكن عدد المستقيلين وصل إلى 16 عضوًا؟

نعم، وهذا ما جعلنا نصعد مرشحين جددا تباعًا وفق نص المادة رقم 32 من القانون، وبعد استشارة نائب رئيس مجلس الدولة ومستشار الاتحاد المنتدب في الخصوص، لقد جاءت الاستقالات قصدًا على نحو تآمري بعدد يمنع انعقاد المجلس، أو تحقيق النصاب القانوني للانعقاد، كما يمنع مجلس الاتحاد من مباشرةَ مسئولياته، فاستقال عدد من الزملاء استقالات غير مسببة وقبلنا استقالاتهم، بعد رفض المستقيلين حينها دعوتنا للرجوع عنها، لكنهم حين أرادوا العودة ثانية، في محاولة منهم للرجوع بالاتحاد ثانية إلى نقطة الصفر، وإرجاع الصراع على السلطة فيه إلى نقطة البداية، بعد كل هذا الضرر الذي لحق بالاتحاد أدبيًّا ومعنويًّا، وبعد قبول الاستقالات بقوة القانون، وتصعيد مرشحين آخرين، رفضنا الانصياع لهذه المغامرات، وذلك لضرورة الالتزام بانتخاب نائب رئيس جديد (توقيع أول)، وأمين صندوق جديد (توقيع ثان)، بدلا من الزميلين المستقيلين، لمصلحة الأعضاء ومستحقاتهم.

اعتبر اتحاد الكتاب العرب أن ما يحدث في مصر شأن داخلي ورفض التدخل، ما الذي جعلكم تخاطبونه؟

في البداية كلمني الزميل حبيب الصايغ رئيس اتحاد الكتاب العرب واقترح إصدار بيان من اتحاد الكتاب العرب بشأن ما يحدث في اتحاد كتاب مصر، فاعتذرت منه، وأعلمته أننا قادرون على حل مشكلات الاتحاد، وهي مشكلات لا يخلو منها أي اتحاد عربي، وأن أي تدخل سيزيد الأمر سوءًا لأنه سيعطي المعتدي على القانون واللائحة، والمخالف للأعراف والأخلاق النقابية الراسخة مكانًا لا يستحقه في البيان، وفي اتصال هاتفي كنت أقدم فيه تعازي اتحاد كتاب مصر له في وفاة أخيه رحمه الله، قال أن السكرتير أرسل إليه يقول له إنه من يمثل الاتحاد الآن! وكلام من هذا القبيل، وأشار إلى ضرورة شرح الموقف، ففضلت أن أرسل إليه وحده رسالة خاصة تشرح له الأمر، ولم أرسلها إلى غيره من الأصدقاء والزملاء من رؤساء الاتحادات العربية وذلك لمحاصرة التداعيات ووضعها في أضيق نطاق ممكن، ولكن من هم في الطرف الآخر استمروا، حينها أصدر اتحاد الكتاب العرب بيانًا، يخلو من الحسم، وضع فيه الأطراف كلها في كفة واحدة، وهو بيان تفوح منه رائحة مستشارين من مصر أرادوا أن يجاملوا كل الأطراف على حساب الحق. فقرر مجلس الإدارة الامتناع عن الرد على هذا الخطاب، وقد تفهمنا وقتها الدافع النبيل من وراء هذا الخطاب، وسيظل تقديرنا الشخصي للزميل حبيب الصايغ، والزميل عبد الرحيم علام، والزملاء جميعا رؤساء الاتحادات العربية كبيرًا.

انعقدت جمعية عمومية في الثامن من إبريل المنصرم وقررت عزل المجلس كله، وتشكيل لجنة تسيير أعمال. كيف ترى الأمر؟

ما حدث وباتفاق جنائي تم فيه اقتحام المكان وكسر أقفالِ أبوابه هو وصمة عار لطخت جبين هذه النقابة المحترمة التي التزم أعضاؤها في كل مراحل تاريخها بحدود الحوار المحترم الراقي، وبمواد القانون، فهذا الاجتماع المسمى بالجمعية الطارئة فاقد لكل آثاره القانونية، وسكوتنا عليه يعني المشاركة بتزوير إرادة الجمعية العمومية. لقد أساء من توهم القيام بالدعوة إليها إلى سمعة الاتحاد بإجراءات مشينة فاقدة لأي سياق قانوني على مستويي الشكل والمضمون، وهذا ما جعلها منعدمة الأثر، سواء بسبب دعوتها من غير ذي صفة كما تنص على ذلك (مادة 38 من قانون الاتحاد)، أو لغياب موافقة مجلس الإدارة عليها، لأنها لم تصل إليه أصلاً، أو بسبب غياب أية دعوة صحيحة لأعضاء الجمعية العمومية المسددين (1600) عضو تقريبًا، كتابة قبل انعقادها بأسبوع على الأقل للحضور، وكما تشترط ذلك المادة (21) من القانون، أو بسبب مخالفاتها للقانون في طلباتها، فضلا عن غياب استيفاء الشروط الشكلية اللازمة لتكون الدعوة إلى انعقادها معبرة تعبيرًا تصحيحًا عن رأي الجمعية العمومية دون تزييف إرادتها، وغياب كل هذا ما يجعل هذه الجمعية العمومية معدومة الأثر لغياب علم الأعضاء اليقيني بها، وبجدول أعمالها، اللازمين للتحقق من أنها قرارات تعبر عن إرادة صحيحة لهم، وغير مزيفة. وليست معبرة عن شلة، أو عن جماعة لها غرض، يجعلها غير ذي أثر. فالمئة التي حددها القانون للمطالبة بعقد جميعه عمومية غير عادية ليسوا هم الجمعية! نضيف إلى ذلك أنه لم يتم حضور النصاب القانوني لانعقادها، فقد حضرها عدد أقل من المائة، ومنهم عدد من غير المسددين، هذا فضلاً عن التزوير في توقيعات الحضور، وما أثير من لغط حول ست واقعات تزوير في الخصوص على صفحات التواصل الاجتماعي. فضلاً عن مخالفة طلبات الجمعية جميعها لنصوص قانون الاتحاد رقم 65 لسنة 1975، ولائحته الداخلية، وللأعراف النقابية الراسخة. وهذا ما أكده رفض أحد موظفي الوزير لقراراتها.

ماذا عن آثار التحطيم الموجودة في مكتبك؟

للأسف النيابة لم تحسم التحقيق الخاص باقتحام الاتحاد وكسر أبوابه يوم عطلته، مما دفع بسكرتير الاتحاد الذي جمد المجلس صلاحياته بتاريخ 5 إبريل 2016، لاتهامه برفع عضوية منتسبة إلى عاملة دون علم لجنة القيد أو المجلس، في قضية تنظرها محكمة جنح قصر النيل في مايو الجاري ومعه اثنان إلى كسر مكتبي، ونهب ما فيه، وإتلاف محتوياته، وقد تم اتهامهم بمحضر سرقة وإتلاف وتبديد.

بعد قرار الوزير باعتماد محضر الجمعية العمومية وعزلك من رئاسة الاتحاد، تعدت الأزمة حدود الاتحاد وأضحت خصومتكم متمثلة في وزير الثقافة ومسئولين معه بعد تقديمكم دعوى ضدهما. ما تعليقكم على هذا؟

بداية، لم يطعن الوزير على محضر اجتماعنا وتشكيلنا للمجلس الجديد، وكان يجب الطعن عليه وفق المادة 30 من القانون لو كانت له نية فيما يسميه موظفوه اعتماد محضر جمعية عمومية مطعون عليها أمام القضاء، ثم إن وزير الثقافة عندما سألته بشأن قرار العزل أخبرني أنه لا يعرف عنه شيئا، ثانيًا لا خصومة لدينا مع الدولة، وقد أعلنت أكثر من مرة أن اتحاد الكتاب يقف مع القيادة السياسية، وأننا نسعى جميعا لإنجاح هذه المرحلة، في إطار الدستور الجديد والقانون، وليس لدينا أية خصومات مع أي وزير في الحكومة ما دام تصرفه وفق قسمه الوزاري الملزم له باحترام الدستور والقانون، وأؤكد هنا أن هناك فرقًا بين الحكومة والدولة، فأحيانا تكون معارضة الحكومة في مصلحة الدولة، وعكس ذلك صحيح! وكل هذا يتوقف على احترام الدستور والقانون.

لماذا سحب مجلس إدارة الاتحاد ثقته من وزير الثقافة؟

لأنه لا يستحقها، قال الوزير إن المحضر المزعوم الذي أتاه قد تضمن ثلاثة قرارات، وعلى عكس ما جاء في المحضر المعلق في لوحة الإعلانات في الاتحاد الذي يتضمن قرارين فقط لم تأت في أي منهما كلمة واحدة عن عزل رئيس الاتحاد، فما جرى في الجمعية العمومية المزعومة قد تضمن قرارين: الأول هو عزل المجلس كله، وكان ذلك يتطلب وفق المادة 23 من قانون الاتحاد ثلثي الأعضاء المسددين أي 1100 عضو تقريبًا، وهذا ما يجعل القرار معدومًا، والقرار الثاني هو تشكيل لجنة لتسيير الأعمال، وهذا مخالف للقانون واللائحة والعرف والمنطق أيضًا، هكذا لم يأت في هذين القرارين لو افترضنا صحة انعقاد الجمعية من قريب أو بعيد عزل رئيس الاتحاد أصلا، وكان يجب على الوزير لو فكر قليلا الطعن عليه، لقد وصل الأمر بمجموعة لا يملكون أية خبرات نقابية إلى تزوير محضر نقابي لاجتماع جمعيتهم المزعومة نفسها! ليصبح لدينا محضران، واحد هو المحضر السري الذي ذهب إلى الوزير، والثاني هو المحضر المعلق في لوحة الإعلانات المتروك قصدا لخداع أعضاء الجمعية العمومية، وتزييف إرادتها مرة ثانية، هذه كارثة لم تشهدها أية نقابة من قبل.

هل يعني ذلك أن اعتماد الوزير كان خاطئًا؟

بل كان اعتماده آثمًا، وأظن أن لديه موظفين أقوى منه، يعملون ضده، لقد أصدر مجلس الإدارة بيانه بسحب الثقة من وزير الثقافة لحنثه بقسمه الدستوري على نحو صريح ومباشر، وقد أوضحنا في هذا البيان أنه في سابقة خطيرة، لا تخلو من سوء استعمال السلطة، ومن محاولة فرض السلطة التنفيذية لوصايتها على نقابة مستقلة، بالمخالفة لأحكام الدستور الذي نص على «كفالة الدولة لاستقلال النقابات والاتحادات، وأنه لا يجوز حل مجالس إداراتها إلا بأمر قضائي، وأنه لا يجوز فرض الحراسة عليها، أو تدخل الجهات الإدارية في شئونها»، قام وزير الثقافة باعتماد ما يشبه قرارًا بعزل رئيس نقابة، معتقدًا أنه قرار لجمعية عمومية للاتحاد، دون أن يتيقن من حقيقة أن هذا القرار لم يرد أصلاً في قراريّ هذه الجمعية العمومية المزعومة المطعون عليهما بالبطلان في القضاء الإداري! ودون انتظار نتيجة هذا الطعن في مجلس الدولة! وقد ورد في بيان مجلس الإدارة بسحب الثقة من حلمي النمنم توضيح بأن قانون النقابة رقم 65 لسنة 75 لم يعط أية ولاية للوزارة على قرارات الاتحاد، جمعيةً ومجلسًا، وكل ما منحه القانون للوزير هو «أن يطعن الوزير في انتخاب رئيس الاتحاد وأعضاء مجلس الاتحاد بتقرير يودع قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة خلال خمسة عشر يوما من تاريخ إبلاغه بنتيجة الانتخاب»، فليس من حق الوزير أو غيره الموافقة على قرار مجلس الإدارة أو الجمعية العمومية صحيحة كانت أو فاسدة، وليس من واجبه اعتمادها، فليس للوزير علينا سوى إخطاره فحسب وفق القانون واللائحة.

Comments